رواية ارض الذئاب الفصل السادس 6 والاخير بقلم دعاء سعيد
#ارض_الذئاب٦
الجزء السادس والاخيييييير
وما إن نطق سالم بكلامته حتى بدأت الهمهمة داخل
مجلس الشيخ فليس كل الحاضرين يعلمون بأمر عهد الدم والنبوءة....
وصاح والده أحمد بصوت ارتعد منه الجميع قائلا... .
((((انت عارف بتقول ايه ياسالم...دى حاجة عمرها ماحصلت فى أرض الذئاب........))))
فأشار له والده الشيخ الكبير لكى يهدأ وأشار للمجلس معلناً بدء حديثه لكى ينصت الجميع قائلا....
(((انا عارف إن فيه ناس كتير هنا ميعرفوش حاجة عن عهد الدم ولا النبوءة ..بس قبل ما أعرفكم بيهم لازم احكى الرواية من أولها.........)))
سكت الشيخ برهة ثم أكمل حديثه...
((( لما اباءنا واجدادنا جم ع الارض دى من ميت عام كانوا جاين فى قبايل.....حوالى عشرين قبيلة ....كل قبيلة اخدت جزء من أرض الذئاب واحنا اخدنا الواحة واخدنا معاها الزعامة ....
عشنا كلنا فى سلام سنوات كتيرة ....لحد ما فى يوم جت أرضنا قبيلة الجبَّانة أيامها انا كنت لسة شاب ، كانوا الجبَّانة مختلفين عننا فى كل حاجة...
مبيراعوش حرمات ولا عندهم أخلاق ..بدأوا يهجوا ع قبايل أرض الذئاب وينهبوا منا كل شئ ....حتى النساء كانوا بيخطفوهم ويستحلوهم حتى بدون زواج....
طبعا اجتمعنا كلنا وعملنا عهد الدم اللى بينص ع ان أى قبيلة يهجم عليها الجبّانة ..القبايل اللى حواليها تساعدها ...
طبعا الجبّانة مسكتوش بدأوااا يدسوا مكايد ويغرسوا العداوة والفتن بين القبايل لحد مابدأ الضعف يدب في كل قبيلة ومعتش حد يقدر ع الجبّانة غيرنا ......
بعد مااتوليت الزعامة ....جمعت كل القبايل تانى وعملنا عهد دم جديد ...ان شباب وفرسان الواحة عندنا يدافعوا مع اى قبيلة يهجم عليها الجبّانة بشرط ...ان لو الجبّانة هجموا ع الواحة وأسروا اى واحدة من بناتنا .....القبايل كلها تتجمع معانا ونهجم كلنا بالذئاب ودى حاجة عمرها ماحصلت اننا نستخدم الذئاب فى معاركنا ضد اى حد......
خبر عهد الدم وصل للجبّانة.....فحبوا يأمنوا نفسهم ..فطلب زعيمهم ايد سلمى بنتى لابنه أدهم..
فى البداية رفضت ....لكن لما قال لى
ان ثمن الموافقة هو سلام بينهم وبينا...ضغطت ع بنتى سلمى علشان توافق وحددنا موعد العرس .......
قبل العرس بأسبوع...وصل الواحة عندنا شاب غريب ضل طريقه فى الصحرا......
وع الرغم انه مكنش من عندنا الا ان كل أخلاقه كانت شبهنا جدا ...عزمنا عليه يقعد عندنا لحد موعد العرس...
وطبعا حصل اللى كان غير متوقع ......
سلمى بنتى اتسحرت بيه وهربت معاه ليلة العرس......
طبعا لما الجبّانة وصلهم خبر هروب العروس .....جن جنونهم وهجموا علينا أشرس هجوم عرفته أرض الذئاب ..الهجوم ده انا فقدت فيه عينه اليسرى وفقدت فيه ابنى الاصغر أيمن .....)))
قالها الشيخ بصوت مخنوق وبدأت تدمع عيناه لِما تذكره...
ولكنه مسح دموعه بيدين مرتعشتين من أثر الحزن.......
ثم أكمل حديثه...
(((بعدها بأسبوعين واحنا لسة بنفوق من اللى حصل...حضرت للواحة عرافة كفيفة ، منعرفهاش قبل كده وبدأت تلف فى كل مكان فى الواحة وهى بتنادي....
((( بنت الغريب ، أميرة أرض الذئاب هى اللى هتوحد القبايل من جديد وتعيد مجد الأجداد .......)))
..(((ساعتها انا الوحيد اللى فهمت انها بتتكلم عن بنت بنتى سلمى ........فكنت لازم اسرب خبر موتها علشان أحميها هى ونسلها من الجبّانة....))))
قاطعه أحمد ....((بس انت ياشيخنا عارف ان القبايل تراجعت عن العهد بعد هروب سلمى وبعد العار اللى لحق بينا....)))
اسرع سالم مجيبا......
(((ودى مهمتى ياوالدى...اخد فرساننا واجوب أرض الذئاب علشان أجدد عهد الدم.....)))
قاطعه الشيخ ...(((بس بسرعة ياسالم ...أميرتنا عندهم .....والوقت مش معانا ..وأدهم اكيد لسة عايز ينتقم من سلمى فى بنتها.......)))
: انطلق سالم ومعه بقية فرسان واحة أرض الذئاب فى رحلة عاجلة ومهمة صعبة لتوحيد كلمة قبايل أرض الذئاب مرة ثانية.....
انطلق مسرعا كى يستطيع انقاذ أميرة أرض الذئاب ...
..كان سالم مشهور بين هذه القبائل بأنه قوى البنية عزيز النفس صادق الحديث ...مما جعل القبائل تفتح أبوابها له عندما ذهب إليهم......فأخذ يجول بين القبائل يقنع سادتها بتجديد عهد الدم لتحقيق النبوءة والتخلص من الجبّانة ...استمر كلما بلغ قبيلة استطاع اقناع زعماءها بحجته ورجاحة عقله وسيرته الطيبة .......
حتى وصل لآخر قبيلة والتى كانت الأكثر قربا للجبّانة....
فما إن بدأ سالم التحدث لزعيمها ...حتى قاطعه قائلا
(((أنا عارف انت جاى ليه ياسالم .....الأخبار وصلتني قبلكم ..وعلشان أقصر عليك .....)))
وابتسم ابتسامة ماكرة وهو ينظر له وأكمل حديثه ...(((مش هتحالف معاكم ضد الجبانة..الا بشرط واحد)))
اجابه سالم مستفهما ...
(((شرط إيه!!!!)))
أكمل الرجل حديثه ...(((زى ماانت عارف احنا أقرب قبيلة للجبانة وتحالفنا معاكم ممكن يضرنا ....علشان كده مفيش تحالف الا بمصاهرة....)))
رد سالم ...(((مصاهرة ازاى....؟؟؟)))
اجابه الرجل ...(((تتجوز بنتى يا سالم........)))
احمر وجه سالم غضبا ورد قائلا...
(((انت مش عارف أنى متزوج أميرة أرض الذئاب)))
: رد الرجل متناسيا قوانين أرض الذئاب..(((وماله هو ده يمنع ...ما احنا لو مااتحلفناش معاكم .....مش هيكون فيه أميرة ولا هيبقى فيه أرض الذئاب اساسا...)))......
استشاط سالم غضبا من كلام ...
واقترب منه ليجذبه بقوة من ذراعه قائلا..
(((دلوقتى عرفت الجبانة ازاى كانوا بيعرفوا اخبارنا ...ودايما بيفرقوا بيننا ...)))
جذب الرجل ذراعه من سالم ....
((( روح شوف حد غير قبيلتى يتحالف معاكم ...وورينى ازاى هتنتصر ع الجبانة من غير قبيلتى...كفاية كده عليكم الزعامة ياحفيد غانم.....)))
...تركه سالم وانصرف مع فرسانه.....عائدا إلى واحة أرض الذئاب بعدما استطاع ان يجمع معظم القبائل ويجدد عهد الدم ....عاد ساام وبدأ الاستعداد لمهاجمة الجبّانة خصوصا وقد وصل لهم خبر ان أدهم زعيم الجبانة قد أشاع خبر زواجه من أميرة أرض الذئاب خلال يومين غير آبهاً بتحالف القبايل وتجديد عهد الدم ......
تحركت القبائل كلها تحت زعامة سالم الذى أصر ان يبقى هو وفرسانه فى نهاية الركب دون أن يفصح عن السبب ...متجهيين جميعا نحو الجبانة ....كانت أرض الجبّانة مرتفعة كهضبة ..ممايجعل من الصعب ع اى فرسان اختراقها... وكان المدخل الوحيد لها من ناحية القبيلة المتمردة التى اعلنت انضمامها للجبّانة...لذلك ما ان بلغت القبايل هضبة الجبانة حتى امطروهم بالسهام ....فتفرق الجميع وبدأت معركة غير متكافئة بين من هم أعلى الهضبة ومن هم اسفلها.....
استمر النزال قليلا دون أن تظهر فرقة سالم ...وما ان كادت الجبّانة تنتصر والجميع يتقهقر حتى لاح من بعيد فرسان أرض الذئاب يتقدمهم سالم ع فرسته المتمردة شاردة ويحاوطهم مئة من الذئاب الشرسة التى جاءت ركضا معهم تعوى عواءاا يصل عنان السماء.....فما ان رأى الجبانة المشهد ...حتى نزلوا هاربين ليحتموا بمنازلهم خوفاً من هجوم الذئاب المروَضة الخاضعة لسالم وفرسانه ......
شق سالم وحوله الذئاب أرض الجبّانة بحثا عن سلمى حتى وصل لمنزل أدهم التى احتُبست فيه مقيدة .....والتى شعرت بالاطمئنان عندما سمعت صوت سالم وهو يصيح ...
(((اليوم تحقيق النبوءة وتوحيد قبايل أرض الذئاب لإنقاذ بنت الغريب ، حفيدة الشيخ غانم ،أميرة أرض الذئاب ...))
واقتحم المنزل وجذبها بقوة ثم خرج بها امام الجبانة الذين اختبأوا فى منازلهم خوفا من هجوم الذئاب....وفك قيدها ورفعها ع شاردة خلفه .....
ثم صاح فى الجميع ...
((يا أهل الجبّانة اقيموا تحية الأميرة...أميرة أرض الذئاب..علشان نسيبكم آمنين....... )))
فخفض الجميع أعينهم أمامها تحية لها وخرجت عزيزة خلف سالم ع شاردة التى اخذت تركض بهما عائدين
الى واحة ارض الذئاب
وضربات قلب سلمى تكاد تكون مسموعة فكأنما الزمن توقف بها وتحولت الى أميرة من أميرات الروايات تجلس خلف فارسها المغوار.......
اما أدهم فقد اختبأ فور هجوم الفرسان ولم يظهر ع مدار النزال ولكن فرسان الواحة امسكوا بيه واحضروه مقيدا لينال عقابه امام الشيخ غانم ومعه وزعيم القبيلة المتمردة ......
عادت القبائل تحت قيادة سالم منتصرة بعد أن توحدت وجددت عهد الدم وحققت النبوءة........
وما ان بلغ سالم والفرسان واحة أرض الذئاب..حتى اسرع ومعه سلمى لمقابلة الشيخ غانم فى قاعة النزال التى اجتمع بها كبراء القبيلة فى انتظار الفرسان ....
وما ان دخلت سلمى حتى وقف الشيخ لاستقابلها فرحا برجوعها......ولأول مرة منذ ان حضرت إلى أرض الذئاب يحتضنها بقوة معلنا امام الجميع انه عفا عن امها
وعن الغريب ......
بعد أن خاطبته قائلة...((انا رجعت ارضى ياجدى......)))
ثم اجلسها ع يمينه كالمعتاد ليحتفل بها وبرجوعها...
فقالت له..
(((انا سعيدة بوجودى وسطكم....بس انا قلقانة وخايفة ع امى جدا ......)))
فابتسم لها الشيخ وأشار لحارس الباب الذى فتحه لتدخل منه سالمة ام سلمى وسط نظرات من جميع الحضور...
ما إن راتها سلمى حتى اندفعت نحوها سلمى لتحتضنها قائلة..(((وحشتينى يا امى ....انتى كويسة؟؟؟)))
اجابتها..((انا كويسة طول ما انتى كويسة يا حبيبتى ...))) ثم اقتربت سالمة من أبيها ونزلت ع قدميها لتقبل يديه قائلة..(((سامحنى يا والدى...)))
ونظرت إلى أحمد اخاها...(((سامحنى يا احمد..))
ثم ابتسمت لسالم الذى اقترب ليقبل جبينها فهمست فى اذنه بكلمات لم يسمعها سواه..)))
وفجأة رفعت سلمى صوتها متسائلة
(((انتى حضرتى هنا امتى وازاى يا امى!!!..)))
اجابها سالم ..(((بعد ما بعتى لها الخطاب .. المرسال اللى راح لها رجعت معاه ....عمتى سلمى مش غريبة عننا وعارفة قوانين أرضنا...هى اللى طلبت تيجى هنا ..بس مكنش ينفع حد يعرف بمجيئها غيرى انا وجدى المرسال لحد ماتحقق النبوءة.....)))
قاطعته سلمى ...
(((صحيح ايه موضوع النبوءة دى...!!!!)))
فضحك قائلا..
((هبقى احكيلك القصة بالتفصيل بعد المجلس....)))
ثم أقبلت العجوز واقتربت لتحتضن حفيدتها وابنة حفيدتها قائلة...
(((أخيرا .....رجعتى يا سلمى..... )))
مكثت سلمى وامها فى الواحة بضعة أيام شعرا خلالها بالألفة.....ثم اجتمع بهما الشيخ غانم...وخيّرهما بين المكوث فى الواحة او الرجوع لحياتهما السابقة ..قائلا..
(((أنا عارف انه صعب عليكم ترجعوا تعيشوا هنا معانا ع طول بعد ما اتعودتوا ع حياتكم .....)))
نظرت سالمة لابنتها التى بدت عليها الحيرة...
فبادرها سالم بالكلام.....(((انتى جيتى هنا ع غير ارادتك ،، ومهما كانت معاملتنا ليكى ،، مش هتقدرى تقبلى باللى اتفرض عليكى حتى لو احسن شئ فى الدنيا...
ارجعى يا سلمى لحياتك ولو لاقيتى نفسك عايزة ترجعى لأرض الذئاب....هتلاقينا فى انتظارك... ولو احتجتم اى حاجة فى اى وقت هتلاقونا حواليكم....)))
أجابت سلمى (((بس ياسالم..))
فاكمل كلامه انا ((بحلِّك من اى شئ لانه مكنش بارادتك....يوم ما تقبلى بارادتك هتلاقينى منتظرك...)))
قال هذه الكلمات بحزن غائر لعدم رغبته فى فراقها ولكن لم تكن من أخلاقه ان يفرض عليها وجوده...
رحلت سلمى مع امها سالمة لتعودا لحياتهما وقد تركت روحها معلّقة بأرض الذئاب ومن فيها ......
وكانت تشعر وكأنما هناك ألم صغير فى قلبها ..اعتقدت ان الايام ستداويه وأن ما تشعر به ليس إلا من آثار ما مرت به ......
عندما عادت وجدت ابن عمها عريسها المنتظر وعمها قد تعجبا من عودتها هى وامها ....
فقد اختفت امها بعد اختفائها ببضعة أيام ..فاعتقدا ان سالمة قد عادت لأهلها الذين لايعلمون عنهم اى شئ ومعها سلمى فلم يبحثا عنهما...
عندما عادت سلمى أخبرت ابن عمها انها لن تستطيع ان تتم الزواج واعتذرت منه ولكنه تقبّل كلامها فلم يكن ارتباطه بها الا تنفيذا لرغبة عمه ووصيته ......
مرت الايام والشهور والسنين وسلمى تحاول أن تعود لسابق عهدها فى حياتها ولكنها لاتستطيع ...
**...فهناك دائما فى حياة كل منا منطقة اذا دخلها لايخرج منها كما دخلها اطلاقا...**
توفت سالمة بعد مرور خمس سنوات ....فحزنت سلمى وشعرت انها أصبحت وحيدة ....وما ان تمت الثلاث ليال للعزاء حتى اختفت سلمى تماما ولم يجدها أحدا
واصبحت من المفقودين فى عالمها ......
فقد قررت أن تعود إلى أرض الذئاب
لتستعيد روحها المعلَّقة بها.......
فما ان وصلت هناك حتى توجهت إلى الاسطبل بحثا عن سالم وقد وجدته مع شاردة يحدثها.....
فما إن رآها حتى لم يكد يصدق عودتها ......
قائلا..(((انتى عرفتى تيجى هنا لوحدك ....؟؟؟)))
ردت عليه مبتسمة...
(((مش عيب أميرة أرض الذئاب، وزوجة حفيد الشيخ غانم ..تتوه عن أرضها .....)))
فظهرت عليه فرحة عارمة كأنما ردُت اليه روحه قائلا..((بتقولى مين...؟؟؟))
فابتسمت له سلمى مرة ثانية...
(((مش أمى قالت لى مين اللى كان ساعدها تهرب مع ابويا من ثلاثين سنة.......))
وجذبت اذنه قائلة.....
((( ولد صغير كده كان عنده ساعتها ست سنين وكان بيحب عمته أوىىىىى.......
ثم ضحكا سويا وسارا معا عائدين لمنزل الشيخ غانم وسط الذئاب التى اخذت تعوى كأنما تبارك زواجهما..........
بقلم
،،،،د.دعاء سعيد
تمت